Monday 9 February 2009

قلعة نزوى


لا يملك الزائر الى سلطنة عمان الجميلة وانت تعرج ‏ ‏على قلاعها وحصونها التي يربو عددها على الالف سوى استرجاع عبق التاريخ الذي ‏ ‏يتردد صداه في الطوب والآجر والنقوش والحجارة التي بنيت منها.وتلعب هذه المباني التاريخية الضخمة التي بنيت في الاصل بغرض الحماية ‏ ‏والحراسة والدفاع عن الوطن دورا حيويا في التعريف بتاريخ عمان لاسيما وانها كانت ‏ ‏نقاط التقاء للتفاعل السياسي والاجتماعي والديني ومراكز للعلم والادارة والانشطة ‏ ‏الاجتماعية.ومن اهم تلك القلاع قلعة "نزوى" الشامخة التي بنيت في ‏ ‏عهد الامام سلطان بن سيف بن مالك اليعربي بعد توليه الامارة في عام 1629 ميلادية ‏ ‏(1050 هجرية) للدفاع عن المنطقة والتصدي للمعتدين على امن البلاد.‏ ‏ وتنفرد قلعة نزوى من بين قلاع سلطنة عمان بكبر حجمها واشرافها من ‏ ‏علياء على واحة خضراء وغابة من النخيل تروي بساتينها شبكة من الأفلاج.اما نزوى نفسها فهي مدينة عريقة تضرب اطنابها في اعماق التاريخ العماني وعرفت ‏ ‏بأنها "موطنا للمعارف وموئلا لكبار القادة وملاذا لرجال الفكر والعلماء والشعراء ‏ ‏والأدباء".وكانت نزوى تسمى مدينة العلم أو بيضة الاسلام (والبيضة تعني منطقة يكثر فيها ‏ ‏العلماء والفقهاء) وانتقل الحكم اليها بعد أن كان في صحار.‏ ‏ كما اشتهرت بالحرف اليدوية منها صناعة الحلي والأسلحة وأباريق القهوة (الدلة) ‏ ‏التي يعتبر تصميمها شاهدا على هويتها العمانية.وترى وانت تتجول ايها الزائر ذلك كله في السوق المحاذية للقلعة الشهيرة.‏ ‏ وتتركز مدينة نزوى حول قلعتها التاريخية التي تعد الأكبر والأقدم في السلطنة.‏ ‏ واستمر بناء القلعة قرابة الـ12 عاما اذا يبلغ طول قطر صحن القلعة 150 قدما ‏ ‏وكذلك ارتفاعه ويشكل الطين والصاروج "الجص" والأحجار من مكوناتها نسبة كبيرة. ‏ ‏ وتنفرد القلعة ببرج دائري ضخم ذو سلالم توصل الى منصة تتيح للزائر اطلالة ‏ ‏مداها 360 درجة على ما حول البرج ويمكن من خلالها مشاهدة مناظر رائعة لمدينة ‏ ‏نزوى.وعلى بعد خطوات من تلك القلعة يقع "حصن نزوى" الذي شيده الامام الصلت بن مالك ‏ ‏الخروصي قبل 1200 عام والذي ظل صامدا امام عوامل الزمن ومازال معلما سياحيا ‏ ‏وثقافيا مهما للاجيال القادمة.‏وبقي الحصن والقلعة مركزا للحكم ومقرا اداريا للولاية على مر العصور ‏ ‏يسكنهما الائمة والولاة اذ كانت نزوى عاصمة لعمان منذ ايام الامام الوارث بن كعب ‏ ‏الخروصي (179 هجرية).‏وتتكون مرافق الحصن من سكن الامام وآخر لطلبة العلم وثالت للمستشارين والقضاة ‏ ‏والحرس والجنود ومسجدا.وفي بدايات القرن الـ17 الميلادي تم تجديد الحصن للمرة الاولى وكان ذلك في عهد ‏ ‏الامام ناصر المرشد مؤسس دولة اليعاربة.يخضع الحصن والقلعة حاليا الى عمليات ترميم وتجديد ليحتضن بعد قرابة العامين ‏ ‏متحفا سيطلق عليه اسم "متحف نزوى" ويتضمن نماذج من الصناعات الحرفية التي كانت ‏ ‏ولا تزال تمارس في تلك المنطقة اضافة الى معلومات تاريخية عن المدينةكما سيتم انشاء مسرح لاقامة نشاطات ومهرجانات خاصة بالسلطنة.‏ويسمى المدخل الرئيسي للقلعة والحصن والمداخل الفرعية لهما "الصباح" ويحوي كل ‏ ‏صباح منها نظاما دفاعيا يتمثل في المسافة المتروكة بينه وبين الباب الرئيسي والتي ‏ ‏لا يراها الداخل..فان كان عدوا صب عليه الحرس من خلال تلك الفتحة ماء حارا وزيتا ‏ ‏مغليا.‏ ‏وفي الحصن 25 بئرا ارتوازية مازال 14 منها تفيض بالماء الزلال حتى يومنا هذا ‏ ‏كما يحوي سجنا ومستودعا للتمر حيث يتم وضع التمر بـ"الجراب" وكبسه لاستخلاص دبس ‏ ‏التمر منه.‏ ‏ وينقسم السجن الموجود في الحصن الى جزئين اولهما للجرائم الكبيرة كالقتل..وهنا ‏ ‏يصعب على المسجون الهرب لثقل القيود والأصفاد التي تمنع حركة رجليه ..في حين تم ‏ ‏تخصيص الجزء الآخر لمرتكبي الجرائم البسيطة كأسرى الحرب وخلافات القبائل والسرقات ‏ ‏والاختطاف والاعتداء.‏ ‏ وتمتاز القلعة بوجود الحمامات القديمة التي تسمى "المترب" حيث كانت الاوساخ ‏ ‏تغطى بالتراب أو تسمى "التنيف" أو "بيت الخلا" أو "بيت الراحة".وتستغرق الرحلة الي نزوى من العاصمة مسقط ‏ ‏قرابة الساعتين تقطع فيهما السيارة 140 كيلومترا..ويتعرج الطريق المؤدي الى تلك ‏ ‏الولاية عبر سلسلة جبال الحدر الغربي.‏ ‏ فتلك المدينة تزخر بالعديد من المناطق السياحية الجميلة الطبيعية منها ‏ ‏والتاريخية.‏ ‏ كما تضم فلجا يعد من أهم الأفلاج في السلطنة الا وهو "فلج دارس" الذي يمتد ‏ ‏بطول 20 كيلومترا.